10 Sep
فضل الرباط في العلم

فإن العلم الشرعي من أجلِّ القربات إلى الله تعالى، وأفضل الأعمال الصالحة، وذروة سنام الدين، كيف لا! وهو (نوع من الجهاد في سبيل الله، فإن دين الله عز وجل إنما قام بأمرين، أحدهما: العلم والبرهان، والثاني: القتال والسنان، فلا بد من هذين الأمرين، ولا يمكن أن يقوم دين الله ويظهر إلا بهما جميعاً، والأول منهما مقدم على الثاني) [كتاب العلم لابن عثيمين ص15].

وهو بمنزلة الرباط والجهاد في سبيل الله كما جاء في حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «من جاء مسجدي هذا لم يأته إلّا بخيرٍ يتعلّمه أو يعلّمه؛ فهو بمنزلة المجاهد في سبيل اللّه» [روَاه اِبن ماجه].

ويكفي في فضل العلم وأهله قوله تعالى: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم) [آل عمران:18]، فقد قرن شهادته سبحانه وتعالى وشهادة ملائكته الكرام مع شهادة أولي العلم، واستشهدهم من دون الخلق على أجل مشهود عليه وأعظمه وأكبره وهو شهادة أن لا إله إلا الله، التي من أجلها خلق الخلق، وأنزلت الكتب، وقوتل الكفار عليها، وقام سوق الجنة والنار من أجلها، فالأمر العظيم إنما يستشهد عليه أكابر الخلق وساداتهم. وفي فضل العلم أن أجره مستمر وباقٍ بعد موت صاحبه، روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) [رواه البخاري في الأدب ومسلم].

فكان هو أفضل ما يشغل به العبد وقته وفكره، لاسيما إن كان في مقتبل العمر، قال الحسن رحمه الله: (مَن أحسن عبادة الله في شبيبته لقّاه الله الحِكمة عند كبر سِنّه، وذلك قوله تعالى: (ولما بلغ أشده آتيناه حكماً وعلماً وكذلك نجزي المحسنين) [مفتاح دار السعادة 1/173].

ونرجو أن تكون هذه المدرسة للمشتركين فيها لهم أرضاً صلبة وخطوة ثابتة نحو العلم وطلبه، على منهج السلف والعلماء الأوائل.